مدونة عبدالجبار بهم من أجل ثقافة قانونية مدونة عبدالجبار بهم من أجل ثقافة قانونية
random

آخر الأخبار

random
جاري التحميل ...

المرجو من زوارنا الأعزاء مشاركتنا الرأي بالنقد والتوجيه لإثراء النقاش من أجل تنمية ثقافتنا القانونية والأدبية والفنية.

المحاكم التجارية ورهانات التنمية متابعة وتقييم

Commercial courts and development stakes follow-up and evaluation

بقلم: عبدالجبار بهم

المحاكم التجارية ورهانات التنمية

متابعة وتقييم


مداخلة في ندوة هيئة المحامين بمراكش سنة 2002

حول تجربة المحاكم التجارية

 بالمغرب

تقديــــــــــــــــــــــــــــم : 

     مر المجتمع المغربي في الآونة الأخيرة بمجموعة من التحولات حملت المشرع على تبني سياسة قضائية لها صلة مباشرة بحقل التنمية، وفي هذا السياق بلورت المحاكم التجارية نـواة تجريبية جنينية للقضاء الاقتصادي ، أسهمت منذ اللحظات الأولى لانشائها في تكريس الـدور الذي أضحى ينهض به الجهاز القضائي في مجال التنمية والتحديث، وقد رسخ هذا التوجـه قناعة المشرع المغربي الرامية الى ضرورة تجاوز التصور النمطي الذي علق بفهم عامة النـاس حول وظيفة القضاء التقليدية؛ اذ لم يعد حاميا لقاطرة التنمية من خلال السهر على تطبيـق القانون واقامة العدل بين أفراد المجتمع ، بل صار دافعا لهذه القاطرة فاعلا ومنفعلا بها ، مضيفا الى انشغالاته الجوهرية تأصيل دولة الحق والقانون وتأثيت بيئة محفزة على الاستثمار ، فما هي أبعاد التنمية كما تكرسها المحاكم التجارية ؟ وكيف يمكن لهذه المحاكم كسب الرهانات المنتظرة منها في سبيل الوصول الى تنمية شاملة ومندمجة؟ .

        للاجابة عن هذين السؤالين نتناول المحاكم التجارية وأبعاد التنمية في مبحث أول، ثم نعرج على آليات المحاكم التجارية لتحقيق التنمية في مبحث ثان، ونشير أخيرا الى مجموعة من الطموحات والاقتراحات التي يمكنها مساعدة المحاكم التجارية على النهوض بمهامها في مبحث ثالث.

       المبحث الأول : المحاكم التجارية وأبعاد التنمية -

       لم تأت المحاكم التجارية لتشكل أداة دافعة للتنمية فحسب ، وانما كان تأسيسها في حد ذاته مظهرا من مظاهرها، وحلقة متعددة الأبعاد في تاريخ المؤسسات النظامية ببلادنا، ويمكن رصد هذه الأبعاد في النقط التالية :

        النقطة الأولى : البعد القانوني - 

       جاءت المحاكم التجارية تتويجا للحظات مخاض ابداعية شملت مجموعة من القوانين المتجذرة في صلب الكيان الاقتصادي، وكان أبرزها الظهير الشريف رقم 1.96.83 الصادر بتاريخ 1996/08/01 : المتعلق بمدونة التجارة (1) ، والظهير الشريف رقم 1.97.49 : الصادر بتاريخ 1997/02/13 : المتعلق بشركة التضامن وشركة التوصية البسيطة وشركة التوصية بالأسهم والشركة ذات المسؤولية المحدودة وشركة المحاصة(2) ، والظهير الشريف رقم 1.97.65 : الصادر بتاريخ 1997/02/12 :  المتعلق باحداث المحاكم التجارية (3) . والملاحظ أن هذه الظهائر  تقاربت زمنيا حتى ان بعضها صدر في نفس السنة تأكيدا على تصميم المشرع المغربي الرامي الى الانخراط في العصرنة والتحديث.

   النقطة الثانية : البعد التنظمي - 

    دعما لحركة التقنين جاء البعد التنظمي الذي واكب انشاء المحاكم التجارية ليضعها على السكة ، وتجلى ذلك في المرسوم رقم: 2.96.906 الصادر بتاريخ 1997/01/18 : المتعلق بتطبيق مقتضيات مدونة التجارة بشأن السجل التجاري (4) ،وقرار وزير العدل رقم 106.97 : الصادر في نفس التاريخ  المتعلق بتحديد الاستمارات والعقود والأوراق المشفوعة بالتصريح بالتقييد في السجل التجاري (5)،والمرسوم رقم 1.97.771: الصادر بتاريخ 1997/10/28 : المتعلق بتحديد المحاكم التجارية ومحاكم الاستئناف التجارية ومقارها ودوائراختصاصها، (6) والرسالة الدورية عدد98/01 : الصادرة عن وزير العدل بتاريخ 98/01/29حول تنظيم التقييد بالسجل التجاري(7) ، والمذكرة الصادرة بتاريخ 98/06/11 عن وزارة الصناعة والتجارة والصناعة التقليدية بشأن التنسيق بين السجل التجاري المركزي والسجلات التجارية المحلية.

        يضاف الى هذا الاتفاقات التي أبرمها المغرب مع بعض الدول كفرنسا وهولاندا وكندا ومصر في مجال التعاون القضائي، وكذلك البرامج التكوينية التي سهرت وزارة العدل على تنظيمها وتأطيرها لفائدة الموظفين ،كاليومين الدراسيين اللذين نظما بتاريخ 98/04/13 : تحت شعار المحاكم التجارية دعامة لتشجيع الاستثمار، والدورة التخصصية في المادة التجارية المنظمة لفائدة القضاة، وبرنامج التعاون المغربي الفرنسي الذي تضمن عدة ندوات أقيمت بالمغرب تحت اشراف خبراء فرنسيين كندوة معالجة صعوبات المقاولة ، والأيام الدراسية حول القانون الجنائي الاقتصادي والمالي ، والدورة التدريبية التي انعقدت بفرنسا سنة 1999 و2000  لفائدة القضاة والموظفين ، ومجمل اللقاءات التواصلية التي أطرتها وزارة العدل بين القضاة والفاعلين في الحقل الاقتصادي بغية التشاور والتعريف بالأدوار الطلائعية التي تضطلع بها المحاكم التجارية في مجال التنمية.

        النقطة الثالثة : البعد الاستراتيجي - 

       تنص المادة الأولى من المرسوم المحدد لعدد ومقار ودوائر اختصاص المحاكم التجارية على ما يلي : " يحدد عدد المحاكم التجارية بست محاكم ومحاكم الاستئناف التجارية بثلاث محاكم تعين مقارها ودوائر اختصاصها في الجدول الملحق بهذا المرسوم "  وقد حدد هذا المرسوم الخريطة الجغرافية للمحاكم التجارية على صعيد التراب الوطني ، حيث وزعت المحاكم التجارية على كل من طنجة وفاس والبيضاء ومراكش وأكادير، ووزعت محاكم الاستئناف التجارية علىكل من فاس والبيضاء ومراكش .والملاحظ أن هذا التقسيم لم يأت عبثا، وانما استحكم في محدداته بعد استراتيجي يتناغم - الى حدما - مع سياسة الجهة ، ويستجيب لحاجياتها على مستوى التغطية القضائية التي تتطلبها حركية تداول المال والأعمال، وتستلزمها دواعي الحماية اللازمة للمنعشين والفاعلين الاقتصاديين، وهذا ما أكدته مذكرة تقديم مشروع المرسوم المشار اليه حين نصت على أنه " روعي في تحديد عدد هذه المحاكم ومقارها ودوائر اختصاصها المناطق والجهات التي تعرف تمركزا للمؤسسات التجارية ونشاطا تجاريا هاما وعددا من القضايا التجارية التي يتطلب البت فيها مؤسسات قضائية متخصصة "(8) .

        النقطة الرابعة : البعد المنهجي – 

عمدت المحاكم التجارية الى نهج أسلوب خاص في العمل القضائي والضبطي يسير بكيفية متناسقة ومنسجمة مع دينامية العصر المتسمة بالسرعة والفاعلية وتناسل رؤوس الأموال، لذلك اتسمت اجراءاتها بالنزوع الى تسريع المساطر وتبسيطها مع ضبط الآجال وتقليصها الى أدنى الحدود واحترام ارادة المتعاقدين، ويمكن استحضار عناصر البعد المنهجي للمحاكم التجارية فيما يلي :

        أولا : تسريع المساطر - 

        بمجرد تقييد الدعوى " يعين رئيس المحكمة حالا "  القاضي المقرر ( المادة 14 من قانون المحاكم التجارية )، وعند استئناف الحكم المتعلق بالاختصاص يتعين توجيه "الملف الى محكمة الاستئناف التجارية في اليوم الموالي لتقديم مقال الاستئناف"  (المادة 8 الفقرة 3 .ق.م.ت ).

        ثانيا : تبسيط المساطر - 

        اذا بتت محكمة الاستئناف التجارية في الاختصاص أحالت الملف تلقائيا على المحكمة المختصة ( المادة 8 الفقرة 5 .ق.م.ت )، كما أن المحكمة التجارية تختص"بالنظر في مجموع النزاع التجاري الذي يتضمن جانبا مدنيا" ( المادة 9 .ق.م.ت )، وذلك تلافيا لتعقد المساطر وتناقض النتائج.

        ثالثا : ضبط الآجال - 

       عند تقييد الدعوى يحيل رئيس المحكمة الملف على القاضي المقرر داخل أجل 24 ساعة ( المادة 14 الفقرة 1.ق.م.ت )، وتبت المحكمة التجارية في الدفع بعدم الاختصاص داخل أجل 8 أيام ( المادة 8 الفقرة 1 .ق.م.ت )، ويستأنف الحكم الصادر بشأن الاختصاص داخل أجل 10 أيام ( المادة 8 الفقرة 2.ق.م.ت )، وتبت محكمة الاستئناف التجارية في قضية الاختصاص داخل أجل 10 أيام ( المادة 8 الفقرة 4 ق.م.ت )، واذا قضت بتعيين الجهة المختصة أحالت عليها الملف داخل أجل 10 أيام ( المادة 8 الفقرة 6.ق.م.ت). من جهة أخرى يتعين على القاضي  المقرر الذي ترجع اليه القضية أن يحيلها على الجلسة داخل أجل 3 أشهر ( المادة 16 ق.م.ت )، واذا استأنف الحكم أحيل الملف على محكمة الاستئناف التجارية داخل أجل 15 يوما ( المادة 18 الفقرة 3.ق.م.ت )، وعند التنفيذ يجب على المنفذ عليه أن يعرب عن نواياه داخل أجل 10 أيام ( المادة 23.الفقرة 1.ق.م.ت)، ويحرر عون التنفيذ محضر الحجز التنفيذي أو يبين أسباب عدم تحريره داخل أجل 20 يوما ( المادة 23.  الفقرة 2.ق.م.ت).

        رابعا : تقليص الآجال - 

        تستأنف الأحكام الصادرة عن المحكمة التجارية داخل أجل 15 يوما ( المادة 18 الفقرة 1 .ق.م.ت).

        خامسا : احترام ارادة المتعاقدين - 

        لم تصادر المحاكم التجارية ارادة الأفراد الرامية الى الاحتماء بقوانينها، بل أجازت امكانية الاتفاق بين التاجر وغير التاجر على اسناد الاختصاص اليها فيما ينشأ بينهما من نزاع بسبب أي عمل من أعمال التاجر ( المادة 5 . الفقرة 2. ق.م.ت )، كما أتاحت " للأطراف في جميع الأحوال أن يتفقوا كتابة على اختيار المحكمة المختصة " ( المادة 12 . ق.م.ت ) وهنا نتساءل، اذا كانت هذه الأبعاد تبرز مظاهر التنمية كما يؤرخ لها احداث المحاكم التجارية ، فما هي الآليات التي يجب أن توظفها هذه المحاكم لتحقيق التنمية المنتظرة منها؟.

        المبحث الثاني : المحاكم التجارية وآليات العمل - 

       أسهم احداث المحاكم التجارية في بلورة القضاء الاقتصادي الذي راهن المشرع المغربي من خلاله على الدفع بعجلة التنمية ومواجهة تحديات العولمة عن طريق عقلنته وجعله قادرا على تحيين وسائل عمله حتى يشيع الطمأنينة بين المنعشين والمستثمرين مواطنين كانوا أو أجانب.

        ولن يتأت ذلك الا بتطوير آليات العمل داخل المحاكم التجارية، ليس فقط على مستوى مدها بأجهزة الحاسوب والهاتف والفاكس، بل وتمكينها من استغلال تكنولوجيا التواصل والاعلام وتوظيف المعلوميات لتقترب أكثر من الفاعلين الاقتصاديين وتتجاوب بعمق مع مطالبهم واقتراحاتهم.

        وبما أن هذه الأهداف تتطلب دعما ماليا وخبرة تدبيرية ، وحيث ان المغرب عاقد العزم على المضي قدما في تطوير جهازه القضائي وتحديث آلياته ، فقد بادر البنك الدولى منذ 1998 الى ابداء استعداده للدفع بهذه التجربة الى الأمام في أفق تنمية مكتسباتها الأولية، وفي هذا الصدد تقدمت اليابان سنة 1999 بمنح هبة بمبلغ 250.000,00 دولار ( حوالي  2625.000,00 درهم )دبرها البنك الدولي لتمويل الأبحاث والدراسات التي وضعتها وزارة العدل كمشروع لتعزيز الطموحات الراهنة، وقد مكنت هذه الدراسات من تحديد مشروع متكامل بتكلفة 6,73 مليون دولار ( حوالي 70,665 مليون درهم ) يساهم البنك الدولي بصفته مقرضا بمبلغ 5,3 مليون دولار ( حوالي 54,65 مليون درهم ) بينما تتكلف الحكومة بتمويل 1,43 مليون دولار ( حوالي 15,015 مليون درهم ) .وقد أبرز الملتقى الذي نظمته وزارة العدل بتاريخ 2001/11/12، والذي حضر أشغاله مجموعة من الفعاليات الوطنية والأجنبية أهمية المشروع ومحاوره الأساسية التي كان من بينها السعي الى تحسين الاطار التشريعي والتنظيمي للمحاكم التجارية ومحاكم الاستئناف التجارية وعقلنة المساطر المتصلة بهما مع ادخال وسائل جديدة للعمل تعتمد التكنولوجيا الحديثة ووسائل الاتصال .

        المبحث الثالث : طموحات واقتراحات - 

         مما لا شك فيه أن المشروع المشار اليه أعلاه و الذي عرض بتاريخ 2001/11/12 على أنظار المهتمين والفاعلين في الميدان القضائي والاقتصادي يختزل مجموعة من الطموحات الرامية الى اصلاح نظامنا القانوني والقضائي بتحديث أنظمة وآليات وبرامج عمل المحاكم التجارية لتحقيق التنمية المنشودة، ويمكن رصد هذه الطموحات  مرفقة بمجموعة من الاقتراحات فيما يلي :

        أولا : مراجعة النصوص التشريعية والتنظيمية الحالية - 

        فبالرغم من حداثة هذه النصوص وجدتها ، وبالرغم من بعدها الاستراتيجي والتاريخي الذي جاء مواكبا لفلسفة العصرنة والتحديث ، فانها تبقى باستمرار في حاجة الى التطوير بحكم اتصالها بالميادين الاقتصادية والصناعية والمالية التي تعرف حركة ذؤوبة وتطورا متواصلا يفرضان نفسا تشريعيا قادرا على احتوائهما ومسايرتهما بنفس الوثيرة المتسارعة ، وليس من الطبيعي أن يكون محيط المحاكم التجارية متناميا وفق متوالية هندسية في حين تبقى نصوصها التشريعية والتنظيمية متنامية وفق متوالية حسابية ، ولعل التركيز على المقاصد والغايات في صياغة هذه النصوص بدل الامعان في التعريفات  هما القمينان بتحقيق قدرتها على احتواءمختلف المستجدات ، وهذا علاوة على محاولة فصل المساطر المعمول بها في المادة التجارية عن المساطر المعمول بها في المادة المدنية باعتبار الطبيعة الخاصة للمحاكم التجارية.

        ثانيا : توظيف التكنولوجيا الحديثة - 

      بادرت وزارة العدل منذ اللحظات الأولى لانشاء المحاكم التجارية الى  تزويدها بأجهزة الحاسوب والهاتف والفاكس  وامدادها بالسجلات والنماذج الخاصة بها ، وكان لهذه المبادرة التي تطلبت جهدا ماليا وتدبيريا ملحوظا نتائج مهمة وضعت صورة المحاكم التجارية في الواجهة ، وجعلتها منسجمة مع الأهداف التنموية المرسومة لها، بيد أن هذا التأثيت لم يرق بعد الى مستوى الأدوار الوظيفية المرجوة التي لا تقتصر على الطبع وتخزين المعلومات وسرعة استحضارها، بل تمتد الى تشكيل شبكات معلوماتية لها قدرة على الاتصال بالعالم الخارجي وتزويده بالمعارف القانونية والقضائية والاجرائية ، مع خلق تواصل مستمر وآني بين مجموع المحاكم التجارية على صعيد التراب الوطني وبينها وبين وزارة العدل وباقي الوزارات المعنية ، وهذا يتطلب الاهتمام الأوسع بالتكنولوجيا الحديثة وانشاء مواقع على شبكة الأنترنيت تضع مختلف أحكام واجراءات المحاكم التجارية رهن اشارة المهتمين ( محامون ، خبراء، سناديك ، متقاضون، دارسون) والفاعلين في عالم المال والأعمال، بحيث يصبح الاسترشاد ومراقبة الاجراءات متاحا للجميع طالما توفروا على شروط الاشتراك في استغلال المعلومة بالكيفية المشروعة ووفق  الضوابط المبرمجة، فالاهتمام بمواقع الانترنيت من شأنه تقريب المحاكم التجارية من الانشغالات المتداولة في محيط اختصاصها ، و جعلها منفتحة في نفس اللحظة على التطورات المنجزة خارج هذا المحيط، ومهيأة وظيفيا لتقديم خدماتها من غير وسيط.

        ثالثا: تدعيم السجلات التجارية التابعة للمحاكم التجارية - 

        اذا كان السجل التجاري أداة للشهر والاعلام، فان تدعيمه بأنظمة معلوماتية لتضمين البيانات الخاصة بالشركات والتجار وتبادل المعلومات بشأنهما بين السجل المحلي والسجل المركزي ووزارة العدل من جهة وبينه وبين باقي المعنيين من جهة ثانية يشكل احدى الرهانات الأساسية المطلوب من المحاكم التجارية الوصول اليها لتحقيق التنمية، وهذا يفرض تقليص الحيز الزمني لاجراءات التقييد، وتوفير موقع خاص بالسجل التجاري عبر اللأنترنيت يتضمن مجموع الأنشطة التي يقوم بها، سواء من حيث الشروط القانونية الواجب توفرها لاكتساب صفة تاجر، أو من حيث العمليات اليومية باحصاء الشركات والتجار والأسماء والعلامات وأنواع الأنشطة التجارية وملخصات القوانين الأساسية ورؤوس الأموال والمراكز الاجتماعية وأنواع التغييرات ؛ وبصفة عامة العمل على جعل كافة الأوضاع المالية والقانونية والقضائية للتجار والشركات رهن اشارة المنعشين والفاعلين الاقتصاديين .

        رابعا : النشر والاعلام - 

         شكلت دائما وسائل الاتصال المكتوبة منها والسمعية البصرية أداة رائدة في مجال التنمية ونشر الوعي بين شرائح المجتمع، وهو ما يغري بالدعوة الى ضرورة توظيف هذه الوسائل داخل المحاكم التجارية عن طريق تبني سياسة خاصة للنشر والاعلام للتعريف باجتهاداتها القضائية وقوانينها، وكل ما جد في ميدان التشريع والتقنين التجاري، والاخبار بأنشطتها واجراءاتها ومساطرها، ونقترح في هذا الصدد تأسيس جريدة أو مجلة تعمل على مطارحة القضايا الشائكة والفريدة ونشر الأحكام الصادرة بشأنها ومقارنتها بغيرها من الأحكام الصادرة عن جهات قضائية أخرى .

        خامسا : التكوين والتكوين المستمر - 

        لكسب رهانات التنمية المتوخاة من وراء احداث المحاكم التجارية يفترض تنشيط سياسة التكوين والتكوين المستمر لفائدة القضاة والموظفين على حد سواء، واعادة صياغة مناهج وآليات التدريس بالمعهد الوطني للدراسات القضائية. فاضافة الى توفر المتكونين على الشواهد التخصصية في الحقوق والعلوم الاقتصادية ، ينبغي البحث أيضا في تأطيرهم بهامش من الدراسات المرتبطة بعلوم التسيير والتدبير وعلوم الاتصال والاعلام، وتدريبهم على استعمال وتوظيف الحاسوب والانترنيت في معالجة القضايا المعروضة على المحاكم التجارية، في أفق تعميم هذه الاختيارات على مجموع محاكم المملكة .

        خاتمة : 

        اذا كانت المحاكم التجارية قد أرخت لتجربة فريدة ومتطورة في تاريخ المؤسسات القضائية ببلادنا فان نجاحها في كسب الرهانات التنموية المتوخاة منها يبقى متوقفا على مدى ادراكنا لمقاصدها الوظيفية التي جعلت منها لبنة أساسية في بناء صرح القضاء الاقتصادي القادر على ضمان تنافسية الدولة في مواجهة تحديات المحيط الجهوي والدولي وبالتالي احراز خطوات محمودة في معركة التنمية .

           الهامش:                                                                                          

(1)  - الجريدة الرسمية عدد 4418 الصادرة بتاريخ 19 جمادى الأولى 1417 موافق 3 أكتوبر 1996 ص : 2187.

(2) - الجريدة الرسمية عدد 4478 الصادر بتاريخ 23 ذي الحجة 1417 موافق فاتح  ماي 1997 ص 1058

(3) - الجريدة الرسمية عدد4482: الصادر8 محرم 1418 موافق 1997/05/15 ص 1141.

(4) - الجريدة الرسمية عدد 4449: الصادر بتاريخ 11 رمضان 1417( 1997/01/20)ص 135.

(5) - نفس المرجع . 9 الصفحة.

(6) - الجريدة الرسمية عدد 4532: الصادر بتاريخ 5 رجب 1418 موافق 6 نونبر 1997 ص : 4194 .

(7) - الحدث القانوني رقم 5 ابريل 1998 ورقم 4 مارس 1998 ص 16 وما بعدها .

(8) - المحاكم التجارية بالمغرب محمد المجدوبي الادريسي الطبعة الأولى 1998 مطبعة بابيل للطباعة والنشر والتوزيع ص 23: .

 

عن الكاتب

عبدالجبار بهم افضل نشر كل ما اكتب من اجل تداول المعرفة ومناقشتها

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

مدونة عبدالجبار بهم من أجل ثقافة قانونية