مدونة عبدالجبار بهم من أجل ثقافة قانونية مدونة عبدالجبار بهم من أجل ثقافة قانونية
random

آخر الأخبار

random
جاري التحميل ...

المسرح الرقمي بمعايير الحداثة الموضوعاتية


المسرح الرقمي
 بمعايير الحداثة الموضوعاتية
عبدالجبار بهم
      يتجه النقد المسرحي المعاصر إلى إطلاق مفهوم المسرح الرقمي على المنجز المسرحي الذي يشتغل على جملة من الموضوعات الحداثية ذات الصلة الوثيقة بالعالم الرقمي، خاصة ما يتصل منه بقضايا الغزو الفضائي، ووسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي كالفايس بوك والوات ساب والاستغرام والهواتف النقالة ونحوها، وهي قضايا مجتمعية خالصة تدخل في صميم انشغالات الظاهرة المسرحية من الناحية الوظيفية، إذ أن المسرح الذي لا يرتبط بقضايا الناس واهتماماتهم ومعيشهم اليومي يكون مستقيلا عن وظيفته الجوهرية، ولذلك سمي المسرح الذي يتناول هذا الجانب من حياة الناس المتصلة بالعالم الرقمي بالمسرح الرقمي، لأنه ركز اهتمامه على موضوعات حداثية وذات أبعاد رقمية، والذي أضفى على هذا المفهوم شرعيته وجوده هو طبيعة الواقع اليومي الذي تعيشه مختلف طبقات المجتمع، واقع أصبح يتوقف في الكثير من بديهياتها السلوكية على التقنية الرقمية كأداة للاتصال والتواصل، فمن الغزو الفضائي الذي أشعل سباقات التسلح وتهافت الدول المتقدمة على تصنيع المنتوجات الرقمية بحلوها ومرها، إلى تطور القنوات السمعية البصرية والاقمار الصناعية التي أضحت تنجز الخدمات الفردية والجماعية في لمح البصر وبشكل دقيق وسريع، إلى الهواتف الذكية التي أمست أنيس الإنسان في غربته واغترابه، والتي جعلت الانسان المعاصر يتخلى طوعيا عن ذاكرته البيولوجية لينصرف إلى ذاكرة رقمية وفرت عليه متاعب تذكر الأسماء والصور والإشياء والهويات، تقنيات رقمية عالية الجودة والذكاء قلصت المسافات الجغرافية والحقب الزمنية في مجرد نقرة على زر أو موجة هوائية تحدثها حركة كف أو رمش، تطور مذهل من هذا النوع سكن البيوت والشوارع والأمزجة جعل الانسان يتقاعس عن مجرد التذكر ووفر له إمكانيات واسعة للتواصل والخلق والإبداع أو للعزلة والتقاعس والكسل، كل ذلك كان كافيا لتأجيج انشغالات المسرحيين وإثارة اهتماماتهم لما يجنيه الانسان المعاصر من افراح وأقراع وهو يلج العوالم الرقمية، وكان كفيلا بأن تصبح همومه وقضاياه محورا لموضوعات متنوعة عكفت على معالجتها الظاهرة المسرحية، وصار من حقنا أن نطلق عليها مفهوم المسرح الرقمي، لا من حيث وسائله وأدواته في التواصل ولا من حيث إمكانياته في خلق الخشبات الافتراضية ولكن- فقط - من حيث الموضوعات التي دلفت إلى قضايا المسرح المعاصر من حيث ندري أو لا ندري....








هوامش من وحي المتابعين:
1ـ الأستاذ محمد فخري:
ما أخشاه هو طغيان هدا الرقمي مقابل التفريط في الداكرة موضوع البحث المسرحي..رائع استادنا
عبدالجبار بهم
مسألة الذاكرة التي سميتها الذاكرة البيولوجية تمييزا لها عن الكارت مموار أو الذاكرة الذكية هي مسألة مهمة في سياق الحديث عن المسرح الرقمي، سأتطرق إليها بلا شك عند الحديث عن التيار المناهض لفكرة المسرح الرقمي، لأن الرقمنة والعالم الرقمي كتيمات موضوعاتية في هذا النوع من المسرح لا تثير أي قلق بخصوص الذاكرة البيولوجية ولنقل بوضوح الذاكرة البشرية، بل قد تسعفها وتمدها بمؤشرات الاستحضار، ولكن قلق المناهضين ينبعث عندما يتعلق الامر بإخراج مسرحية يكون بعض شخوصها أو جميعهم شخوصا افتراضيين يتحركون فوق خشبة واقعية أو هي أيضا افتراضية، في هذه الحالة لا يحذق الخطر بالذاكرة البيولوجية فحسب ، بل يحذق ويلحق الضرر بالممثل كجسد وروح وذاكرة، وبالتالي تتهاوى إحدى دعامات الفعل المسرحي التي هي الممثل الحي... هذه مسألة أسأل الله أن يقدرني على تناولها مستقبلا بما يكفي من الاسهاب، وشكرا أخي الأستاذ فخري على المتابعة..

عن الكاتب

عبدالجبار بهم افضل نشر كل ما اكتب من اجل تداول المعرفة ومناقشتها

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

مدونة عبدالجبار بهم من أجل ثقافة قانونية