مدونة عبدالجبار بهم من أجل ثقافة قانونية مدونة عبدالجبار بهم من أجل ثقافة قانونية
random

آخر الأخبار

random
جاري التحميل ...

الإنسان كائن قانوني منظم

الانسان كائن قانوني منظم

    
 الانسان كائن قانوني منظم، ليس فقط بالنظر إلى نظام تكوينه بيولوجيا وفيزيائيا وسيكولوجيا؛ نظام لامتناهي في الدقة والتعقيد والإعجاز، بل أيضا هو كائن قانوني منظم بالنظر إلى نظام تشغيله كأي كائن مصنوع أعد خصيصا للقيام بوظائف لايمكنه القيام بها إلا بواسطة نظام التشغيل هذا الذي هو بمثابة دليله العملي.
     هذ الدليل عبارة عن جملة قواعد قررتها المشيئة الإلهية منذ الأزل وستستمر قائمة إلى أبد الآبدين، تنساب من عوالمها الميتافيزيقية إلى عوالمنا الفيزيقية عبر وسائط متعددة، الوجداني والبرهاني فقط مجرد مظهرين بارزين للكثير منها مما يستحيل تعقبه أو تحديده على سبيل الحصر، إلا أنها في مجموعها وسائط أثبت التاريخ أهميتها في معرفة الإنسان لدليله العملي، فالرسل والأنبياء والفلاسفة والعلماء هم تجسيم مادي ملموس لهذه الوسائط، وأنموذج حي يقبل به العقل البشري كممثل شرعي قادر على التصدي لمهمة تبليغ الإنسان بدليله العملي الذي يجعل منه بالفعل كائنا قانونيا منظما.
     والرسل أسمى هذه الوسائط لأنهم يأخذون الدليل من واضعه، ويبلغونه عنه من غير زيادة أو نقصان ومن غير تبديل أو تغيير أو تعديل، وهم ليسوا كالفلاسفة والعلماء الذين يصيبون ويخطئون، بل هم كائنات بشرية معصومة بالفطرة وجدت من أجل تصحيح مسار الإنسان في بحثه عن كينونته النظامية، والكشف عن دلائلها كلما استنفذ الفلاسفة والعلماء والمفكرون جهدهم في التأمل والتدبر من غير طائل، ولذلك فهم الأصدق قولا في بيان هذا الدليل، والأضمن سبيلا في وصول الإنسان إلى حقيقة كونه كائنا قانونيا منظما طالما التزم بتطبيق مقتضيات الدليل تطبيقا سليما. 
   التزام الإنسان بتطبيق دليله العملي واجتهاده في وضع تشريع يترجم هذا الدليل وينظم حياته على ضوئه، هو ما يجعل نظم الانسان الوضعية متناغمة ومتساوقة مع طبيعة تكوينه، ومع الأهداف التي من أجلها صنع وفق كينونة قانونية منظمة، فإذا أسيئ استعمال هذا الدليل ساءت وضعية الإنسان كما تسوء أية آلة صنعت وفق قانون منظم وأعد لها صانعها دليلها العملي، لكن مستعمليها أساءوا تطبيق هذا الدليل تطبيقا سليما. 
    فالإنسان كائن قانوني منظم بتكوينه الفطري ومنظم كذلك بكيفية توظيف هذا التكوين فيما أعد له، وهو حتما سيكون سعيدا راضيا وآمنا مطمئنا طالما تجانس نظامه الوضعي مع نظام تكوينه الفطري.
    وبصرف النظر عما يعتري الإنسان من فوضى البحث عن كينونته النظامية إلى درجة يكاد البعض يجزم فيها بأن الإنسان كائن فوضوي، فإن الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها والتي تدعمها براهين العقل والشرع هي أن الإنسان كائن قانوني منظم.
يتبع...

عن الكاتب

عبدالجبار بهم افضل نشر كل ما اكتب من اجل تداول المعرفة ومناقشتها

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

مدونة عبدالجبار بهم من أجل ثقافة قانونية