العدالة الرقمية والأمن الرقمي
 |
| عبدالجبار بهم |
ما تزال القيمة المضافة التي تقدمها وسائل الاتصال الرقمي لخدمة العدالة في اطراد مستمر، وتكشف يوما بعد يوم عن عمق دورها الإجرائي المتصل بتسريع المساطر وتقصير أمد الحسم في جملة من القضايا التي ظلت إلى وقت قصير تتطلب زمنا طويلا للبت فيها بما في ذلك شكايات متنوعة كانت تنتهي في معظم الأحيان إلى رفوف الحفظ.
والذي لا شك فيه أن دخول وسائل الاتصال الرقمي دائرة الاهتمام القضائي أكد شرعية هاته الوسائل ليس فقط في كونها أصبحت مهيمنة على تفاصيل الحياة وجزئياتها، ولكن أيضا أثبتت جدارتها كوسيلة من وسائل الاثبات والإقناع التي يمكن اعتمادها من قبل ضابطة قضائية عصرية وقضاة محاينين للزمن الرقمي الذي تتطلع إليه عدالة بلادنا.
إن متابعة وسائط الاتصال الرقمي بكيفية جدية، سواء من طرف القضاء الواقف، أو من طرف القضاء الجالس وكذلك اعتماد مختلف المعطيات التي تقدمها هاته الوسائط كوثائق إثباتية أسهم يشكل واضح في تحيقيق النجاعة والفعالية التي تتوخاها إصلاحات منظومة العدالة ببلادنا، كما حدث بتاريخ 05/ 03/ 2017 حين أقدمت فرقة الشرطة القضائية في المنطقة الإقليمية للأمن بمدينة سيدي سليمان على اعتقال شخصين، يبلغان من العمر 26 و31 سنة، للاشتباه في تورطهما في الاتجار في المخدرات والسرقة بالعنف، وأفاد حينها بلاغ للمديرية العامة للأمن الوطني، أن المشتبه فيهما كانا قد ظهرا في شريط فيديو في موقع “يوتيوب” على شبكة الإنترنت، وهما يعرضان كمية من المخدرات. وأضاف ذات البلاغ أن الأبحاث والتحريات الأولية المنجزة، أوضحت أن أحد المشتبه فيهما يشكل موضوع بحث من أجل ترويج المخدرات، والثاني مبحوث عنه من أجل قضية تتعلق بالسرقة والعنف، مشيرا إلى أنه جرى الاحتفاظ بهما تحت الحراسة النظرية رهن إشارة البحث، الذي يجري تحت إشراف النيابة العامة المختصة. ( المرجع: مقال منشور بجريدة هبة بريس الإلكترونية بتاريخ 06/ 03/ 2017
وعلى ضوء تفاعلات العالم الرقمي بالحياة العامة داخل المجتمع المغربي والاسهامات الخدماتية التي وفرها لتنمية المجتمع وصقل سلوكه الحضاري في اتجاه ضبط الأمن والاستقرار، جاءت مطالب القضاة المشاركين " في المؤتمر الثاني حول الأمن الرقمي والتحديات الجديدة، المنعقد بمدينة أكادير، بإنشاء بوابة إلكترونية تابعة للمديرية العامة للأمن الوطني تستقبل شكايات المواطنين، داعيا إلى إحداث خلية لفرز هذه الشكايات والبحث والتحري فيها، وضبط مرتكبي هذه الجرائم. وسجل المؤتمر في توصياته الختامية أن الأمن الرقمي أصبح ضرورة ملحة لا حياد عنها، وأن تأمين الفضاء الرقمي ليس مناطا بجهة واحدة، معتبرا الأمر يتطلب تعاونا بين جميع الجهات على المستوى الحكومي والقطاع الخاص والأفراد.