مدونة عبدالجبار بهم من أجل ثقافة قانونية مدونة عبدالجبار بهم من أجل ثقافة قانونية
random

آخر الأخبار

random
جاري التحميل ...

ملامح المذهب المالكي في قرارات المجلس الأعلى ( محكمة النقض حاليا )



ملامح المذهب المالكي
 في قرارات المجلس الأعلى
بقلم: عبدالجبار بهم

    إخواني قراء المدونة، كم يسعدني أن أدعوكم إلى لحظة من لحظات التأمل القانوني، لنقف على ملامح المذهب المالكي في قضاء المجلس الأعلى، من خلال تلمس بعض القرارات التي تكرس القواعد الأصولية لهذا المذهب الفقهي الذي يشكل الجانب العملي في هويتنا الدينية وعماد ضميرنا الجمعي، ولتكن بداية هذه الرحلة التأملية من تلكم القواعد المكملة للأدلة الشرعية المتفق عليها لدى جمهور الفقهاء المسلمين وأولها قاعدة الاستصحاب، على أن نعرج على بقية القواعد ضمن لحظات تأملية لاحقة بإذن الله.
1- الاستصحاب
     قاعدة الاستصحاب تعني في المفهوم الأصولي البناء على الأصل، أي أن الأصل الثابت هو الذي يجب استصحابه ما لم يرد دليل شرعي يرفعه، وبمعنى آخر الاستصحاب هو إثبات الحكم في الزمن اللاحق استنادا على ثبوته في الزمن السابق، كاستمرار حكم الدليل إلى أن يأتي دليل آخر ينسخه.
     هذه القاعدة في الواقع دليل من الأدلة الأصولية العملية التي يرجع الفضل في تأصيلها إلى أصوليي المذهب المالكي، وقد تبناها المجلس الأعلى في العديد من قراراته نقتصر منها على القرار عدد 2055 الصادر عن المجلس الأعلى بتاريخ  / 09 / 28 1987 في الملف المدني عدد  1968 / 86، حيث ذهب إلى أن عدم إثبات المكتري الذي ينازع في الإنذار بالإخلاء لتاريخ توصله بهذا الإنذار، لا يؤدي إلى عدم قبول دعواه، وإنما يبقى الأجل مفتوحا أمامه لممارسة حقه في اللجوء لقاضي الصلح، لأنه كان كذلك و الأصل هو الاستصحاب إلى أن يثبت ما ينفي ذلك، أو ينتهي أجل السقوط العام المنصوص عليه في الفصل 33 من ظهير 24 مايو 1955 سيما وأن خصمه لم يثر ذلك أمام محكمة الموضوع.
   فلنلاحظ ما يلي:
- المجلس الأعلى وظف قاعدة الاستصحاب بتفس بنائها اللغوي كما تم تداولها في الوسط الفقهي، ولم يشكل هذا التوظيف أدنى نشاز في السياق اللغوي العام لنص القرار، علما بأن المفردة مأخوذ من قاموس أصولي / فقهي وليس من قاموس قانوني.
- القاعدة أدرجت ضمن قرارا صادر عن المجلس الأعلى وهو أعلى سلطة في تركيبة الجهاز القضائي، وهذا الإدراج يشرع لضرورة اعتبارها لدى باقي الدرجات القضائية الأدنى مرتبة.
- توظيف المجلس الأعلى لقاعدة الاستصحاب تبلور عنه تكريس لمبدأ إجرائي دأب عليه العمل الضبطي في الكثير من مساطر التقاضي، وهذا المبدأ هو أن المكتري الذي يتوصل بالإنذار لا ينبغي له أن يتخوف من ضياع طي التبليغ الذي سلم له مع الإنذار والذي يحمل تاريخ التوصل، لأن طي التبليغ يستعمل لمصلحته بدليل أنه سلم له مع الإنذار، وبالتالي فهو حجة له لا عليه، أما المكري فانه يحتاج إلى محضر للتبليغ أو إلى تأشيرة المحكمة على نسخة أخرى من الإنذار لإثبات واقعة التبليغ، وعليه فالمكتري الذي يتوصل بالإنذار ولا يبادر إلى القيام بأي إجراء من إجراءات التقاضي يكون من الناحية القانونية في وضعية طبيعية، إذ باستصحاب حاله السابق، يبقى كأنه لم يتوصل بأي شيء، ولكنه في نفس الآن يكون مهددا بمبادرة المكري الذي سيسعى حتما إلى الاحتجاج عليه بالتوصل عن طريق تأشيرة المحكمة، مما يعني أن الحالة المستصحبة إنما تقوم دليلا لصاحبها ما لم يقم دليل آخر يفندها وهذا هو جوهر قاعدة الاستصحاب كما أثث لها المجلس الأعلى ضمن القرار أعلاه وكما أسس لها المذهب المالكي. 
يتبع  



عن الكاتب

عبدالجبار بهم افضل نشر كل ما اكتب من اجل تداول المعرفة ومناقشتها

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

مدونة عبدالجبار بهم من أجل ثقافة قانونية