التحرش الجنسي في فضاء العمل ومقاربة النوع الاجتماعي

مقاربة النوع الاجتماعي

والتحرش الجنسي في فضاء العمل 

     في إطار العمل القضائي الرامي إلى تفعيل الأبعاد القانونية لمقاربة النوع الاجتماعي، ومن أجل ترسيخ ثقافة الاحترام المتبادل بين الجنسين في الفضاءات الخارجية، صدر عن الغرفة الاجتماعية بمحكمة النقض قرار تحت عدد 672 بتاريخ 9 ماي 2013 في الملف الاجتماعي عدد 2012/1/5/1494، يصب في التكريس لمبدأ  قانوني يهدف لمكافحة التحرش الجنسي؛ ذلك أن هذا القرار اعتبر تحرش الأجير بالأجيرة داخل فضاء العمل سلوكا لا أخلاقيا مخالفا للقانون، ويشكل خطأ جسيما موجبا لإنهاء عقد الشغل .

    وقد رفضت محكمة النقض طلب الأجير الرامي إلى إعادته لعمله بدعوى أنه تعرض للطرد التعسفي مستدلا بشهود على انضباطه وحسن سيرته وسلوكه، واعتبرت تحرشه بإحدى العاملات خطأ جسيما ثبت بتصريحات مفصلة من قبل شهود آخرين، وهي تصريحات أفادت بكيفية لا غبار عليها أن الأجير كان يتحرش بمجموعة من الأجيرات، وبالتالي فإن فصله عن العمل بسبب هذا الخطأ استخلصته المحكمة في إطار سلطتها التقديرية واعتبرته مبررا.

   ويتضح أن محكمة النقض تبنت قرارها في التصدي على أساس قاعدة "ترجيح دليل الإثبات على دليل النفي"؛ ذلك أنه بالرغم من قيام الدليل على أن الأجير كان ذا سمعة حسنة ومنضبطا في عمله ولم يلاحظ عليه أي تصرف طائش، وهذا دليل نفي التهمة بواسطة شهود النفي، إلا أن المحكمة لم تلتفت لدفوعات الأجير، كما لم تستجب لطلبه الرامي إلى إجراء بحث في الموضوع، مما يعتبر معه موقفها هذا بمثابة رد ضمني مفاده: ترجيح دليل الإثبات على دليل النفي.

   بهذا الموقف تكون محكمة النقض قد رجحت دليل شهود المشغل الذين هم شهود إثبات للخطأ الجسيم المنسوب للأجيرعلى دليل  شهود الأجير الذين ينفون تهمة الخطأ الجسيم 

عبدالجبار بهم