المهمـــــــــــــــــــــــــل
في
سوق الجملة
ولد مبنيا للمجهول .. لم يعرف له مبتدأ ولا خبر .. أمضى طفولته جارا ومجرورا.. مضارعا لأمر الله في سوق الجملة..؛ أحيانا.. يجر عربة متلاشية غير مرخص له باستعمالها.. وأحيانا أخرى.. يجر إلى مخافر الشرطة.. ضنينا.. محاصرا باستفهامات المحققين.. ( من؟.. ومتى؟.. وأين؟.. وكيف؟..أتراك أم تراه أم يراك؟.. ).
لما كبر.. نما مضعفا.. مزيدا له في الرزق .. تحسنت ظروفه الزمانية.. والمكانية.. عندها.. أحجم عن أفعال التعدي.. وصار لازما.. لازم إن ضحك وإن غضب.. لازم إن قام وإن قعد.. لازم إن خضع تهيبا.. أو توجس حيطة وحذرا.. ومن النادمين.
لكنه مع ذلك ظل نكرة بين الاسماء والأفعال والحروف.
مهملا...
ما هو بعلم ذائع الصيت.. ولا هو من الاسماء الخمسة المدرة للربح.. كان زاهدا في الدنيا.. مجافيا للحرف ( بكسر الحاء ) والحروف.. على نحو لا محل له من الإعراب.
كان يؤمن.. أن حاله مقدرة بعلامة ظاهرة من أوله إلى آخره... ولذلك عاش منتصب القامة منصوب الهامة على كل حال.. غير مفعول به.. أو منعوت بسوء.. أو مضاف لغيره.. أو معطوف على ضمير مستتر.
لم تغره - يوما - نون النسوة.. ولم تكسر شوكته جموع التكسير... ولا جحافل المؤنث السالم.. ما ثبت أن صدر عنه اسم فعل جامد.. أو ناقص.. أو ممنوع من الصرف.. بل بالعكس.. كان يتحرك في سوق الجملة كفاعل في مفعول مطلق.. لا تحده حدود .. ولا تقف دونه موانع التعذر والاستثقال.. كان - فعلا \ رجلا - جازما بأن السكون يرفع صاحبه لمرقده الأخير..
المرجو من زوارنا الأعزاء مشاركتنا الرأي بالنقد والتوجيه لإثراء النقاش من أجل تنمية ثقافتنا القانونية والأدبية والفنية.